DesignKSA

من تكنولوجيا المعلومات إلى فن التجسيد: اكتشاف رحلة الفنانة البصرية دنيا الشطيري

أجرينا حواراً مع الفنانة البصرية دنيا الشطيري، من المملكة العربية السعودية انطلقت رحلتها الفنية متأثرة بخلفيتها في تكنولوجيا المعلومات، وقد استطاعت أن تجمع بين عالمي التكنولوجيا والفن لابتكار قطع فنية فريدة.

تروي لنا دنيا حكايتها وسيرتها الفنية، مستعرضة كل ما فيها من تطورات ونجاحات، و تسعى جاهدة لتوسيع حوار الفن المعاصر في المجتمع وتشجيع التفاعل والتفكير النقدي .

و بدأ الحوار في سؤال عن ماهو تاريخك الفني وكيف تطور مع مرور الوقت ؟

قالت الشطيري: تاريخي الفني أتى بعد سنوات عديدة قضيتها في الدراسة والعمل الوظيفي كنت أحاول اخفاء هذا الصوت بداخلي الذي يشدني للفن، ولكن بدون جدوى تحول الصوت إلى صرخة راغبة في التغيير .

في بداياتي، كنت أميل إلى التركيز على الجانب البصري و تجسيد ملموس للأفكار فقط. ولكن مع مرور الوقت وتطور فهمي للفن، بدأت أتجه نحو استكشاف مفاهيم أعمق وأبعد لإعادة تفسير القضايا المعاصرة.

مع كل عمل فني جديد، استمررت في الغمر بعمق أكبر في فهم الوعي الإنساني وكيف يمكن للمواد والوسائط والتكنولوجيا أن تساعد في التعبير عن هذا الوعي. تحولت أعمالي من مجرد صور بصرية إلى روايات تصويرية تجسد المفاهيم المعقدة التي تسكن أذهاننا.

عرضت أعمالي في مواقع مهمة في برلين، جدة، الرياض ومتحف الشارقة للفنون وكان له دورٌ كبير في تطوري الفني، حيث أتاح لي فرصة رؤية أعمالي من خلال عيون الآخرين واستخلاص معانٍ جديدة ورؤى متجددة.

وكيف تفسري أعمالك الفنية للجمهور وماهو تأثيره عليهم ؟

قالت الشطيري: أعمالي الفنية هي كأحلام يقظة، تنقل المتلقي إلى عوالم موازية، تستوقد الفضول وتحرك الوعي. أرى في الفن قدرة فريدة على التواصل مع الروح واستثارة الذهن.

عندما أقوم بتفسير أعمالي للجمهور، لا أقدم لهم إجابات محددة، بل أقدم لهم أسئلة. فالفن من وجهة نظري هو دعوة للتساؤل والاستكشاف. من خلال تحليل الأفكار واستعادة جذورها وباستخدام التكنولوجيا لإظهار الفهم المقبول عمومًا للقضايا المعاصرة، أتيح فرصة للمشاهدين ليراجعوا ما يعتقدون أنهم يعرفونه.

لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فكل من ينظر إلى أعمالي يأتي مع خلفيته الثقافية والشخصية وتجاربه. وهكذا، يمكن لنفس العمل أن يثير مجموعة متنوعة من الردود والأحاسيس في المشاهدين. هذا هو الجمال الحقيقي للفن: القدرة على أن يكون عامًا وشخصيًا في نفس الوقت.

أود أن يغادر الجمهور مع الشعور بأنهم قد استكشفوا جزءًا من عالم مختلف، وأنهم قد تحدوا أو تعمقوا في فهمهم للمواضيع التي أتطرق إليها. في النهاية، يتعلق الأمر بتحقيق اتصال أعمق مع الذات والعالم من حولنا، وتقديم فرصة للتفكير والتأمل.

و كيف تحاولي التعبير عن رؤيتك الخاصة في أعمالك الفنية ؟ قالت الشطيري: في أعمالي الفنية، أسعى دائمًا لإعادة تعريف الطريقة التي نتفاعل بها مع وعينا بنفسنا والعالم من حولنا. أعتقد أن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير عن نفسه، بل هو أداة لتحفيز النقاش والتفكير النقدي.

التواصل والاتصال مفهومين أساسيان في أعمالي، حيث أتيح للمشاهد فرصة الاحتكام إلى الأشياء بشكل أعمق والتفكير في الوجود نفسه. المعرفة، الخيال، والذاكرة، هذه المفاهيم المجردة التي تسكن أذهاننا، هي مصدر إلهامي الأساسي. من خلال أعمالي، أحاول أن أمنح هذه المفاهيم وجودًا ملموسًا يمكن أن يلمسه المتلقي.

وعن المواد التي تفضل استخدامها في أعمالها، فهي تركز بشكل خاص على العناصر اللا ملموسة وكيف يمكن للضوء، الصوت، الهواء والتكنولوجيا أن تتداخل لصنع تجارب حسية فريدة ، من خلال ذلك، وصرحت الشطيري: أسعى لإلقاء الضوء على العلاقات المعقدة بين الإنسان ونفسه، وبين الفرد والمجتمع.

“منطق الحجر”

في كثير من الأحيان، أعتبر الفضاء نفسه كجزء من العمل الفني. أعمل على تحويل المساحات إلى مواقع تفاعلية، حيث يمكن للزوار المشاركة بنشاط واختبار وعيهم الحسي والبصري. هذا التفاعل المباشر مع الفضاء والعمل الفني يسمح للمشاهدين بأن يصبحوا جزءًا من العمل نفسه، وليس مجرد متفرجين.

وأضافت، الغرض من أعمالي ليس فقط تقديم تجربة جمالية، بل إعطاء المشاهدين فرصة للتفكير في طريقتهم الخاصة بالنظر إلى العالم، وتحدي الافتراضات المألوفة. من خلال تحدي الحواس والتفاعل المباشر مع العمل، آمل أن أستطيع إلقاء الضوء على العلاقة بين الفرد والعالم الأكبر، وبين الواقع والتصور.

“مدّ غصن زيتون”

و في أهم الأعمال الفنية التي قامت الشطيري بإنتاجها والتي تعتبر بمثابة إنجازاتها الفنية البارزة ؟

صرحت الشطيري: هو عملي المعروض في مركز المدينة للفنون ضمن سمبوزيوم المدينة الدولي، اسم العمل وبالنجم هم يهتدون، وهو تركيب متعدد الوسائط مستوحى من الرمزية الغنية للمحراب النبوي في المدينة المنورة، كل مكون من مكونات التثبيت بمثابة تمثيل مرئي وسمعي للتجربة الروحية الإسلامية. تستخدم القطعة عُقدًا رقمية ، أو “نقاط” ، لترمز إلى الأوجه الرئيسية للمحراب. تنشط تيارات من الضوء تتناغم في حركة توليدية تملئ الفراغات، مغلفة بأذكار المؤمنين والدعوات وهمس الرجاء وطلب الهداية من زوار الروضة المشرفة في المسجد النبوي. تعكس الدقة الهندسية المتأصلة في تصميم التركيب الانسجام الرياضي الذي يسود العمارة الإسلامية والكون. تمامًا كما يملأ علماء الرياضيات المسافات بين النقاط لتحديد أبعاد جديدة ، كذلك يقوم كل تفاعل داخل التثبيت بإعادة تعريف وتوسيع فهم المشاركين للتواصل الروحي.

“وبالنجم هم يهتدون”

وفي الختام، تعتبر دنيا الشطيري مثالًا للفنانة الشابة والموهوبة التي تجمع بين الإبداع والتكنولوجيا في أعمالها. تعمل جاهدة لتوسيع حوار الفن المعاصر في المجتمع وتشجيع التفاعل والتفكير النقدي. من خلال إبداعها، تساهم دنيا الشطيري في تغيير وجه المشهد الفني في المملكة العربية السعودية وتلهم الأجيال القادمة من الفنانين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *